سورة الفتح - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفتح)


        


{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)}
{إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً} أي تشهد على أمتك {وَتُعَزِّرُوهُ} أي تعظموه وقيل: تنصرونه، وقرئ تعززوه بزايين منقوطتين، والضمير في {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} للنبي صلى الله عليه وسلم وفي تسبحوه لله تعالى، وقيل: الثلاثة لله.


{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)}
{إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله} هذا تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم حيث جعل مبايعته بمنزلة مبايعة الله، ثم أكد هذا المعنى بقوله: {يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} وذلك على وجه التخييل والتمثيل، يريد أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تعلو يد المبايعين له هي يد الله في المعنى، وإن لم تكن كذلك في الحقيقة. وإنما المراد أن عقد ميثاق البيعة مع الرسول عليه الصلاة والسلام، كعقدة مع الله كقوله: {مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله} [النساء: 80] وتأوّل المتأوّلون ذلك بأن يد الله معناها النعمة أو القوة، وهذا يعيد هنا ونزلت الآية في بيعة الرضوان تحت الشجرة وسنذكرها بعد {فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ} يعني أن ضرر نكثه على نفسه ويراد بالنكث هنا نقض البيعة.


{سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12)}
{سَيَقُولُ لَكَ المخلفون مِنَ الأعراب} الآية: سماهم بالمخلفين، لأنهم تخلفوا عن عزوة الحديبية، والأعراب هم أهل البوادي من العرب، لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة يعتمر، رأوا أنه يستقبل عدواً كثيراً من قريش وغيرهم، فقعدوا عن الخروج معه، ولم يكن إيمانهم متمكناً، فظنوا أنه لا يرجع هو والمؤمنون من ذلك السفر ففضحهم الله في هذه السورة، وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم واعتذارهم قبل أن يصل إليهم، وأعلمه أنهم كاذبون في اعتذارهم {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} يحتمل أن يريد قولهم: {شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} لأنهم كذبوا في ذلك، أو قولهم: {فاستغفر لَنَا} لأنهم قالوا ذلك رياء من غير صدق ولا توبة {قَوْماً بُوراً} أي هالكين من البوار، وهو الهلاك ويعني به الهلاك في الدين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5